التعلم بالمرح وتطبيقاته في مجال الدعم النفسي الاجتماعي -المؤلف: أشرف الحراثي- مقدمة: يعد التعلم ركيزة أساسية يعتمد عليها الوجود الإنساني وبفضلها يتغير الإنسان وتتقدم المجتمعات، فمما لا شك فيه أن التعلم من الأمور التي تشغل بال الأباء والأمهات والمعلمين والمتعلمات، فهو موضوع يثير الكثير من الجدل حول ماهيته وطبيعة القوانين التي تحكمه وتحدد نظرياته وتطبيقاته، على اعتبار أن التعلم ليس مجرد عملية اكتساب معرفة بل هو أعمق من ذلك إنه عملية تغيير سلوك وتقدم مجتمعات، غير أنه وبالرغم من كل مزياه فإنه قد يبدو معقد بالنسبة للأطفال والمتعلمين خصوصا عندما يتعلق الأمر بما هو دراسي لذلك أجريت مجموعة من الدراسات التي حاولت فهم كيفيات التعلم منطلقة من سؤال: كيف نتعلم؟ ولماذا نتعلم؟ ليتضح في النهاية أن أساليب التعلم تختلف وتتنوع إلا أن أكثر الأساليب فعالية هي تلك التي ترتبط باللعب والمرح، فالألعاب التربوية تعد وسائل تعليمية فعالة وقوية التـأثر في تغيـير سـلوك المـتعلم واتجاهه بإكسابه معـارف ومهـارات دقيقـة.(1) 1. العلاقة التبادلية بين اللعب والتعلم إن الحديث عن العلاقة بين اللعب والتعلم تقتضي في البداية تعريف كل منهما؛ إذ يستخدم مصطلح التعلم في علم النفس بمعنى أوسع بكثير من استخداماته في الحياة اليومية فهو لا يقتصر على التعلم المدرسي المقصود، بل يشتمل على كل ما يكتسبه الفرد من معارف، ومعاني، وأفكار، واتجاهات، وعواطف وقيم، سواء تم هذا الاكتساب بطريقة قصدية متعمدة، أو بطريقة عرضية دونما قصد. وهكذا يتضح أن التعلم هو اكتساب حجم من المعارف المعززة بالتجربة والتي تؤثر على المتعلم، فقد عرفه عالم النفس السلوكي إدوارد لي ثورندايك E.L Thorndike بأنه “سلسة من التغيرات في سلوك الإنسان”.(2) أما اللعب فقد تعددت أصنافه وتعاريفه غير أن جل هذه التعاريف يربطها خيط ناظم من الصفات وهي: الحركة والنشاط والواقعية. وتجدر الإشارة إلى أن اللعب لا يقتصر على مرحلة عمرية معينة بل يرافق الإنسان في كل مراحل حياته، وهو يتغير وتتكيف أشكاله وفوائده مع كل مرحلة عمرية، ومجتمع، وثقافة. ويعتبر اللعب هو الآخر وسيلة من وسائل التعلم إذ يتعلم الفرد من خلاله كيفيات بناء العلاقات الاجتماعية وتطوير مهارات التواصل والتفاعل مع الأخرين، إضافة إلى عملية إدراك الأطفال لموقعهم في المجتمع والأدوار المراد أداؤها مستقبلا، تلعب الفتاة بالدمى، والعرائس، والمطبخ… باعتبارها ألعاب “أمومية” تؤهل الفتاة إلى أداء دور الأم وفق مهام محددة (بيتية، عاطفية، جمالية..)، في حين يتم تدريب الولَد على دور “الأبوة” وفق الصورة السائدة عنها، لذا يلعب دور الرجل الباحث عن الرزق في الخارج -من أجل الأبناء والزوجة في الداخل-، كدور البَّناء، والجندي، والسائق.. وبالتالي تكون مهام الأب (خارجية، عضلية، آداتية..).وبناء على ما سبق يمكن تعريف التعلم بالمرح بأنه نشاط موجه يقوم به الأفراد لتنمية سلوك الشباب، وقدراتهم العقلية والجسدية والوجدانية، من خلال إدخال الفكاهة والطرفة في الدروس اليومية، مما يجعل من المتعلم فاعلا وناشطا ومشاركا، مستفيدا ومستمتعاً في نفس الآن. 2. تطبيقات التعلم بالمرح في مجال الدعم النفسي الاجتماعي يسمح التعلم بالمرح للمتعلم بالمشاركة في بناء المعرفة والإحساس بالإدراك الذاتي للمعلومة وليس فقط مجرد متلقي، ومن ثم فإن التعلم بالمرح يعد وسيلة ناجعة لتبليغ رسائل يتعسر إرسالها عن طريق التعلم من خلال القراءة والكتابة، فهذه الوسيلة قابلة للتطبيق مع الجميع سواء كانوا متمدرسين أم لا، كبار أم صغار. ولأن أكثر ما يميز التعلم بالمرح هو قدرته على تعديل السلوك الغير مرغوب، وتنمية السلوك المطلوب، وقد عرف بعض الباحثين التلعيب من المنظور العلمي السلوكي على أنها عملية تحول في السلوك المحدد من خلال تجارب مرحة، وبالتالي ويستطيع إطار الدعم الاجتماعي والنفسي الاعتماد عليها لأغراض تدخلية مع بعض الحالات، حيث تختلف الأنشطة والألعاب باختلاف متطلبات الحالة، (الألعاب التمثيلية، الألعاب التركيبية، الألعاب الفنية، الألعاب الترويحية والرياضية، الألعاب الثقافية، الألعاب الإلكترونية). إذ تساعد أنشطة الدراما ولعب الأدوار الأشخاص الانطوائيين على فهم الآخرين وإدراك الأدوار المتنوعة التي يلعبها الآخرون من خلال تمثيل مواقف اجتماعية معينة رفقتهم، مما يؤدي إلى إحداث أثر «مريح« عن طريق التعبير عن الانفعالات أو لكونه يقود إلى التعلم الاجتماعي. فقد يتعلم الأطفال مثلا أن يستجيبوا للآخرين باللعب التمثـيـلـي أو المـصـطـنـع، بينما يكونون في جلسة عادية شديدي الخجل، أو قد يتعلمون لأول مرة عن طريق القيام بدور أحد الكبار ما يلاقيه الشخص الكبير من صعوبات في مقاومته لطفل غاضب. (3) إذ يتعلم الفرد من خلال لعب الأدوار أن يرى الآخرين من زاوية أخرى ويفهم أن لهم وجهة نظر مختلفة غير وجهة نظره، وهذه خطوة مهمة للتخلص من التفكير المتمركز حو الذات. (4) من الفوائد الملموسة للعب الدور كذللك: إذاً يمكن توظيـف اللعـب اجتماعيا على الوجه الآتي: -توظيف اللعب في تعلم المهارات والقيم الاجتماعية والآداب العامة مثل الأمانة واحترام حقـوق الآخرين والصبر. -توظيف اللعب في تعليم الطفل دوره الاجتماعي -الاهتمام بالألعاب التي تنمي قيم الانتماء الأسري والاجتماعي والإنساني. توعية الأطفال والمراهقين بخطورة بعض الألعاب على المجتمع مثل لعبة القمار الإدمان. – تشجيع الأطفال على ممارسة الألعاب التي تحافظ على البيئة. الجدول رقم1 : مجالات التطبيق حسب احتياجات المتعلم/ة احتياجات المتعلم/ة التدابير النفسية والاجتماعية الممكنة الشعور بالانتماء – تشجيع المتعلمين والمتعلمات على الاندماج والانخراط في الأنشطة والمسابقات التي تنظمها المؤسسة. – منح المتعلمين والمتعلمات فرص المشاركة في أنشطة نادي المواطنة والتربية على حقوق الإنسان. العلاقات مع الأقران – اتاحة أنشطة جماعية (مثل: الرياضة، والمسرح… إلخ) تتطلب التعاون واعتماد الكل على البعض.– اعتماد ألعاب جماعية تتضمن تقدير قيمة الصدق والتسامح وتقبل الاختلاف والاعتراف بالآخر كيف ما كانت وضعيته. التعبير العاطفي – إتاحة فرص للتعبير من خلال لعب الأدوار، والرسم، والكتابة الإبداعية، والدراما، والموسيقى… وما إلى ذلك. التقدير الذاتي – التركيز على الألعاب والأنشطة التي تجعل من المتعلم محور النشاط مع وجود شِق تفاعلي يلعب دور التعزيز عند النجاح في اللعبة.– تفعيل نادي المهارات الحياتية وإشراك المتمدرسين والمتمدرسات في أنشطة تعزز تقدير الذات والثقة بالنفس، بما في ذلك حصص التحضير النفسي والمنهجي للامتحان. التحفيز الفكري – خلق روتين تفاعلي كالجالسات المفتوحة في حديقة المؤسسة وتحويل ملخصات الكتب والروايات إلى أنشطة ملموسة.– اشراك أطر هيئة التدريس في تنظيم العروض والمسابقات الثقافية. التحفيز البدني – تشجيع الأنشطة الترفیھیة والإبداعية، التقليدية منھا والجدیدة، من خلال الألعاب والریاضة والموسيقى والرقص، وغيرها… المصدر: أشرف الحراثي؛ بالاستناد على دليل الشبكة العالمية للتعليم في حالة الطوارئ (INEE) وهكذا يجب أن تتألف برامج الدعم النفسي الاجتماعي من أنشطة منظمة غرضها تعزيز النمو النفسي والاجتماعي وتقوية الإحساس بالحماية والانتماء. دور المختص الاجتماعي في عملية التعلم باللعب: خاتمة: انطلاقا مما سبق يمكن القول بأن اللعب ليس مجرد أداة للمرح والتسلية بل يمكن استخدامه لأغراض تعلمية وعلاجية، فهو أسلوب تربوي هادف يسعى لتنمية شخصية الطفل المعرفية والسلوكية، في جو من المتعة والتسلية. كما أن التعلم ليس مجرد

التعلم بالمرح وتطبيقاته في مجال الدعم النفسي الاجتماعي Read More »